هل يمكن لي أنْ أنال الغفران؟

0

صبيٌ متمردٌ ذو إرادة قوية هرب من البيت بعد مشاجرة حادة مع أبيه. قطع عهدًا أنّه لن يرجع مرة أخرى إلى البيت، وعقد العزم على الذهاب إلى المدينة الكبيرة. كانت الحياة في المدينة صعبة للغاية، فاجتهد في العمل لسنوات عديدة لكنه كان بالكاد يدبر احتياجات معيشته.

وفي أحد الأيام، اتخذ قراره واستقل إحدى الحافلات في المدينة. وبعد مرور بعض الوقت، جاء شيخٌ مسنٌ وجلس بجانبه. أخرج الشيخ جريدته ليقرأها، لكنه لاحظ أن هذا الشاب كان يحدِّق من نافذة الحافلة بتوتر وكانت يظهر على وجهه القلق.

فقال له الشيخ بعطفٍ ورقةٍ “أيها الشاب، تبدو متوترًا. لماذا لا تخبرني عن سبب المشكلة؟”

فبدأ الشاب يخبر قصته للرجل، قائلاً: “اتصلت بوالدتي بالأمس عبر هاتف مدفوع الأجر. وقلت لها: يا أمي سوف أركب غدًا الحافلة رقم 19 للقرية. هل تعرفين شجرة الرمّان الموجودة بجانب الطريق؟ أخبري والدي أنه إذا كان يريدني أن أعود إلى البيت، فيجب عليه أن يعلّق شيئًا أبيض على الشجرة؟

فقال الشيخ: “حسنًا، نحن على وشك الوصول إلى قريتك الآن”.

فصرخ الشاب وكأنه في ألم قائلاً: “أعلَم”.

فقال الشيخ: “ما هو سبب توترك؟”

فوضع الشاب يده على يديّ الشيخ المجعدتين وقال: “أخشى ألا يكون هناك شيء معلق على الشجرة. من فضلك، أنا لا أستطيع النّظر. لقد اقتربنا من الوصول إلى بيتي. انظر واخبرني ماذا ترى”. ثم أغلق عينيه في خوف وريبة.

وبعد لحظات، كان الشيخ على وشك أن يقفز من مقعده. وصاح: “افتح عينيك يا ابني. إنَّ الشجرة مكتسية بالمفارش البيضاء، والبيت كله مُكْتَسٍ بالمناشف البيضاء وأغطية الوسادات (المخدات) البيضاء! اخرج يا ابني من الحافلة! لقد عفا عنك والدك وسامحك!”

ضَرَبَ عيسى المسيح مَثَلاً مشابهًا في الإنجيل عن الابن المتمرد غير المطيع الذي ترك البيت وقرّر أن يرجع إلى أبيه:

“فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ”.

أيها الصديق العزيز، إنَّ الأب في كلتا القصتين يمثّل الربّ إلهنا. إنّ الله سبحانه وتعالى يريد منك أن “ترجع إلى البيت”. وهو في انتظارك لتركع له بتوبة، وهو لن يرفض صلاتك الصادقة. إنّه ينتظر بأيدٍ مفتوحة. فهل سترجع إلى البيت اليوم؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.