الهَدفُ مِن الصَّلاة
كان هناك زوجان مخلِصان لإيمانهما يَشْرَحان الطريقة التي عَلَّمَا بها أبناؤهما الصغار كيفية الصلاة. قال الأب: “إنّنا نُعلِّمهم أنَّ هناك أربعة أنواع مِن الصلوات – صلوات الطَّلب وصلوات الشّكر وصلوات الأسف وصلوات الطاعة والتسليم.”
يا له مِن تفسير بسيط وجميل للأطفال الصغار! فصلواتنا ودعاؤنا أكثر مِن مجرد كونهما شيئًا معتادين على القيام به، إذ إنّهما يحملان معهما هدفًا وقصدًا. إنّ صلوات الطّلب وصلوات الشّكر وصلوات الأسف مِن السهل فهمها، أما صلوات الطاعة والتسليم ففي بعض الأحيان تُهمَل ويُساء فهمها. فهل الغرض مِن صلوات الطاعة والتسليم اليومية هو أنْ نقوم بتكرار معتقداتنا باستمرار ونُذَكّر أنفسنا بنفس الكلام يومًا بعد يوم؟ أَمْ أنَّ هناك إعجازًا روحيًا يحدث في وقت الصلاة؟
إنَّ صلوات الطاعة والتسليم تأتي بنا إلى المرحلة التي نضع فيها إرادتنا في إطاعة كاملة لإرشاد الله وتوجيهه. إذ نختار أن نتخلى عن خططنا ضيقة الأفق مِن أجل المجد والخير اللذين يمكن الحصول عليهما مِن خلال خطط الله. وهذه التضحية بالإرادة يمكنها أنْ تحدث فقط في الصلاة. فعندما نركع على ركبتينا، يختفي القلق والخوف اللذان يحدثان بسبب التعلّق بطرقنا وخططنا الشخصية، ونحظى بالسلام عندما نترك كل شيء في عناية الله. يقول الإنجيل: “مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ أَهْلَكَهَا يُحْيِيهَا.”
وفقط عندما يحدث ذلك، يستطيع الله – تبارك اسمه – أنْ يمنحنا الإرشاد العملي الذي كثيرًا ما نحتاج إليه في الحياة، ولا سيما الإرشاد المتعلق بإيجاد شريك الحياة المناسب أو تحديد الكلية والدراسة المناسبة أو إيجاد وسيلة مناسبة لكسب المال الكافي أو تحديد الطريقة الصحيحة لحل النزاعات والخلافات.
تحدّث أحد القادة الروحيين عن صلاة الطاعة والتسليم ذات مرة وقال: “أجد أنَّ الهدف الرئيسي مِن الصلاة المتعلقة بطلب إرادة الله هو أنّ الصلاة تجعل إرادتي في حالة غير متحيّزة. فحالما تصبح إرادتي خالية من أي إنحياز لشيء ما، فإنّني أجد أنّ الله يخاطب فكري ويُعْلِمني ما إذا كان يريدني أنْ أنتهج مسلكًا معينًا أَمْ لا”.
بعض الناس يعتقدون إنّنا بحاجة إلى التعاويذ والتمائم وممارسة الطقوس السّحرية لإقناع الله بأنْ يرسل إلينا إرشادًا وتوجيهًا حول مسائل وقضايا معينة. إلّا أنَّ المفتاح الحقيقي للحصول على الإرشاد يُعد أيضًا أحد الأهداف الرئيسية للصلاة: تسليم إرادتنا بشكل كامل لله والسعي للعيش في حالة عقلية تمتاز بالثّقة وعدم الانحياز والخضوع التّام والتسليم الكامل لإرادته. وعندما نصلي بهذا المقصد في قلوبنا، سنحظى بالسلام والإرشاد والثقة التي نحتاج إليها في الحياة.