الكرامة التي مِن عند الله
لم يختر وليد أن يوُلد بـ “متلازمة داون”. لم يفعل والداه أي شيء لينجبا طفلاً مُعاقًا. لكن لا شيء يمكن أنْ يغيّر وضع الأسرة الصغيرة الآن. بدأ أهالي القرية في النميمة على وليد، وبدأت زيارات الأمهات الأخريات تقل. شعر والدا وليد بالخجل.
إلا أنَّ الله عوّض وليد وأنعم عليه ببركة أخرى، فروحه الرقيقة حظيت بحب القليلين الذين كانوا لا يزالون يهتمون به ويرغبون في زيارته. وعلى الرغم مِن أنَّ “متلازمة داون” أدّت إلى تأخَّر قدراته الفكرية، إلا أنَّ شخصيته المُحِبّة والمحبوبة جعلت الجميع يشعرون بالرّاحة عند تعاملهم معه. كان لديه قلبٌ كبيرٌ.
شاهد وليد إخوته الكبار يلعبون كرة القدم وكان يحلم بالانضمام إليهم واللعب معهم. على ما يبدو أن هذه اللعبة كانت تمثل عالمًا آخرًا يقتصر فقط على الأطفال “الطبيعيين”. لكن الإجابة كانت دائمًا نفسها: كرة القدم رياضة خطيرة. لا يمكن للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة أن يلعبوها.
إلا أن حُلم وليد المستمر وقلبه الكبير أقنعا المدرّب في نهاية المطاف بقبول وليد، ووافق على السماح له باللعب من باب الاختبار. قام وليد بارتداء طقم كرة القدم الجديد والحذاء الرياضي غالي الثمن الذي اشتراه له أبواه، وخرج من غرفة نومه وهو في قمة البهجة والسرور.
وقال: “انظر إليَّ يا أبي! أنا شابٌ حقيقيٌ الآن!”
إلا أنَّ والدا وليد أكدا له إنّه كان دائمًا شابًّا حقيقيًا، لكنهما لم يتمالكا أنفسهما وأدمعت أعينهما.
إنَّ الكرامة والقيمة في مجتمع اليوم تأتي مِن تلبية توقعات الآخرين ورغباتهم. ولذلك فإنّ الأشخاص المولودين بعاهات أو إعاقات أو الذين اختبروا إصابات مأساوية، يعتقدون إنّه مكتوب عليهم أنْ يشعروا بعدم قبول المجتمع لهم إلى الأبد.
ولكن هل يمنح الله الكرامة بهذه الطريقة؟ وهل الكرامة السماوية تستند إلى درجاتنا الدراسية الجيدة وبيوتنا الجميلة وحُسننا وإنجازاتنا ومكانتنا الاجتماعية؟ الحمد لله أنّ الأمر ليس كذلك. قال تعالى: “فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي.” إنَّ الكرامة الإلهية تستند إلى المستوى الروحي الذي يصل إليه الإنسان، ولا تستند إلى المعايير أو المستويات الأرضية. فأولئك الذين يحبون الله ويتمسكون بثبات بإيمانهم به، هم الذين يكرمهم الله.
إنَّ المليونير الغني الذي حصل على ثروته بالرّشوة والقتل قد يبدو قويًا ومثيرًا للإعجاب في نظر زملائه، أما الطفل المُحِب الذي يعاني من إعاقة معينة فقد يتعرّض للازدراء والسخرية. ولكن في النهاية، أي مِن الإثنين ستكون له الكرامة الأعظم؟
لو سلمت حياتك لله كل يوم وجعلت محبته تتدفق مِن خلالك لجميع الذين مِن حولك، فلا يهم ما تعاني منه، فأنت “فَتَىً حقيقيٌ.”
ماذا عنك؟ هل تشعر بأنَّ لك قيمة كبيرة؟ هل تشعر بأنَّ الله يكرمك؟