الفَسَادُ

0

قال صحفي نمساوي ذات مرة: “الفساد أسوأ من البِغاءِ (الانحراف الجنسي). فالأخيرة يمكنها أنْ تُعرّض أخلاق الفرد للخطر، أما الأولى فيمكنها أن تُعرّض أخلاق الوطن بكامله للخطر.”

إنَّ الفساد هو من أحد أعظم أشكال الجرائم الصامتة التي توجد في العالم اليوم، وهو منتشرٌ على نطاق واسع ولكن نادرًا ما يتم اكتشافه أو معاقبته. يُعرّف الفساد على أنه سلوك غير شريف مِن قِبل أولئك الذين يحتلون مناصب عالية في المجتمع، وبالتالي، فأي شخص يحتل منصبًا مرموقًا في المجتمع بإمكانه أنْ يكون فاسدًا. وجدير بالذكر أنّ ليس كل من هو في منصب مرموق فاسدًا. فمالك البنك الثري وصاحب المتجر البسيط وحتى الأم في البيت، كل واحد منهم لديه السّلطة على مجالات نفوذه وتأثيره المختلفة، وبالتالي يكون لديهم الاختيار للتعامل بنزاهة وشفافية أو لا.

ولأننا نسمع كثيرًا عن الفساد بين رؤساء الدول وكِبار رجال الأعمال، فإنّنا نميل إلى التقليل مِن أهمية الفساد الصغير والمحدود. فعلى سبيل المثال، كانت تتلقى إحدى اللاجئات الشابات إعانات غذائية شهرية من منظمة إنسانية بينما كان يعمل زوجها بجدٍ في المدينة. وبدلاً من إخبار زوجها بهذه الأخبار السارة، فقد استمرت في قبول المال مِن راتبه الذي يحصل عليه بشق الأنفس من أجل “شراء الطعام” كما كانت تزعم. إلا أنها كانت تستعمل المال سرًا على الخروجات وشراء الملابس الراقية. فإنْ كان “الفساد” يُعرّف على أساس أنّه سلوك غير نزيه (شريف) مِن قِبل أولئك الذين يحتلون مناصب عالية وذات تأثير، ألا يعد ذلك فسادًا مِن جانب هذه المرأة وعدم التزام بمسؤوليتها تجاه شؤون بيتها؟ إنّ الفساد هو شيءٌ لا يقوم به الأغنياء فحسب، فحتى أفقر الأشخاص يمكنهم أن يبيعوا قِيَمهم بطريقة مُخزية مِن أجل تحقيق مكاسب ومصالح شخصية.

قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (سورة المائدة، الآية 8).

دعونا نكون حريصين على تنفيذ مسؤولياتنا – سواء كانت كبيرة أو صغيرة – بعدلٍ وإنصافٍ. فهذا أقرب إلى التقوى وسيبقينا على الصراط المستقيم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.