العِفّة والطهارة
كان مَجْد شابًا وسيمًا مِن عائلة طيبة. خلال العام الأخير من دراسته الجامعية، تعرّف على بُشْرَى ووقع في حبها. كان مَجْد متأكدًا مِن أنه سوف يتزوجها في يوم من الأيام، ولكن كان لديه إحساس رهيب أنه مقيد بسبب عدم قدرته على التقرّب منها جسديًا كما كان يرغب. وكان يفكر بينه وبين نفسه: إنّني أحبها. فما الذي يمنعني من الإقتراب إليها والتمتع بعلاقة حميمية معها؟ لن يكتشف أحدٌ ذلك.
وفي يوم من الأيام، قام مَجْد بزيارة بُشرى عندما كانت في المنزل بمفردها. إنّها فرصته الآن! كانت الأفكار الشهوانية تتبادر إلى ذهنه. أما بُشْرى فقد كانت تعتقد إنّه جاء للدراسة، فأخذته إلى غرفة نومها حيث كانت تحتفظ بكتبها الجامعية. وعندما انحنت لتلتقط كتابًا، قام مجد بشدّها نحو السرير.
فصاحت قائلةً: “يا مَجْد! لا يمكنني أنْ أفعل ذلك!”
فنظر مَجْد إلى عينيها وملامح الألم مرتسمة على وجهه وقال: “ولكن إنْ كنتِ تحبينني ….”
فقالت: “لأنني أحبك لا يمكنني أنْ أفعل هذا!” ثم سحبت نفسها منه وهرعت من الغرفة.
وفي وقت متأخر من ذلك المساء أرسل مَجْد رسالة للاطمئنان عليها والتأكّد مِن أنّها ليست منزعجة.
فأجابت وقالت: “يا مَجْد، ما رأيك إذا قلت لك أنك لست الشخص الأول الذي رغب في إقامة علاقة حميمية معي؟”
فتغيّرت نبرة صوت مَجْد وامتلأ بالغيرة وقال: “أعلم إنه كان لديكِ صديق وأنتِ في المَدْرَسَة المُتَوَسّطَة… ماذا فعلتِ معه؟”
فأجابت بُشرى: “لم أفعل شيئًا. وهذه هي النقطة. ونحن في المَدْرَسَة المُتَوَسّطَة، يبدأ الأولاد والبنات في تقديم هدايا صغيرة – مثل الحلويات وأقلام الرصاص الملونة. أما في الجامعة، فنقدّم لبعضنا هدايا أكثر جدية مثل الساعات والمجوهرات والورود والعزومات والوعود. ولكن هنالك هدية سأقدمها فقط للرجل الذي سأتزوجه. وإذا أعطيتها لشخص آخر، فلن أستطيع استرجاعها مرة أخرى.”
وبالفعل قرّر مَجْد أن يقوم بانتظار بُشرى، وبالرغم مِن أنّه وجد صعوبة في الأشهر التي سبقت زفافهما، إلا أنّه لم يتعرّض لأيّة أضرار جسدية دائمة في جسمه نتيجة لذلك. وفي الحقيقة، فقد وجد أن ثقتهما واحترامهما لبعضهما البعض كانا يزدادان بشكل أعمق بسبب هذه الحادثة، لأنّه كان على يقين أنّ الفتاة التي تستطيع أن تتحكم في نفسها لن تخونه أبدًا.تذكرنا سورة “المؤمنون” أنّ المؤمنين الحقيقيين يتسمون بأنّهم “لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ”. فالتوقعات الاجتماعية أو العائلية ليست هي السبب الذي يمتنع الشباب والشابات لأجله عن ممارسة الأنشطة غير المشروعة، إذ أنّ الله سبحانه وتعالى هو بنفسه الذي طلب منّا أنْ نحفظ أجسادنا، لأنه يعلم أنّ ذلك سيكون الطريق الأفضل لنا. كما أن النبيّ أيوب قال إنّه قد قطع عهدًا بأنّه لن ينظر إلى عذراء! فهل نحن ملتزمون بحراسة بوابات (مداخل) عقولنا؟ فلنتذكر أنّ الله لا يطلب مِنّا أبدًا أنْ نفعل شيئًا سيُلحِق بنا الضرر، ولا يطلب مِنّا إلا ما كان فيه مصلحتنا وخيرنا.