الصَّبر

0

أجرى توماس إديسون، الرجل الذي اخترع المصباح الكهربائي، عدة آلاف مِن المحاولات غير الناجحة قبل أنْ يكتشف التركيبة الصحيحة مِن المواد التي مِن شأنها أنْ تسمح بأنْ يضيء المصباح بفعالية. وقال في وقت لاحق إنّ “العبقرية هي عبارة عن واحد بالمئة مِن الإلهام و99 بالمئة من الجّهد”. في كثير من الأحيان، تتطلب الحياة أنْ نعمل بِجِد ونستمر في العمل من أجل تحقيق النتائج التي نرغب في الحصول عليها. أمّا في العالم الروحي، فالشيء الذي يعادل الجّهد هو الصّبر.

إنَّ النبي أيوب هو أحد الأنبياء المعروفين الذين تجلّت في حياتهم سِمة الصَّبر. عاش هذا الرجل في أرض أور، وهي جزء مِن أرض العراق الحالية. كان أيوب معروفًا كواحدٍ مِن أغنى رجال المَشرق، وكانت لديه قطعان كبيرة وغفيرة مِن الماشية وعَشرة بنين وبنات. في تلك الأيام، وقبل وجود النقود الورقية أو البنوك، كانت تُقاس ثروة الإنسان بعدد الحيوانات التي يملكها والبنين والبنات الذين ينجبهم. الشيء الذي نعرفه عن قصة أيوب هو أنّ الشيطان أراد أن يجرّبه ليتخلى عن الله وذلك بأخذ ثروته وأبنائه وبناته وسلبه صحته. ففي يوم واحدٍ، قُتِلت أو سُرِقت قطعان أيوب بطريقة غامضة، ومات جميع أبنائه وبناته عندما تعرّض بيتهم لعاصفة شديدة. ثم أصابه الشيطان بدمامل مؤلمة كانت تغطي جسده كله.

في هذا الوقت الصّعب، جاء أصدقاء أيوب لزيارته وأصروا على أنّه كان قد ارتكب خطيّئة فظيعة وخفيّة ضد الله ولهذا كان يستحق هذه العقوبة. كان أيوب يعلَم أنّ قلبه كان طاهرًا أمام الله، لكنّه لم يستطع إقناع أصدقائه. حتى زوجته أخبرته إنّه مِن الأفضل له أنْ يلعن الله ويموت. لكن أيوب لم يفعل ذلك. فقد كان ينتظر خلاص الله بصبرٍ.

وَصْفُ القرآن الكريم لأيوب هو “إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [إلى الله]” (سورة ص 38: 44). ولمجازاة صمود أيوب، أعاد له الله ثروة أكثر مما كان لديه مِنْ قَبْل، بالإضافة إلى إعطائه عشرة بنين وبنات آخرين. إنَّ الصَّبر والمثابرة في الإيمان جزآن هامان مِن حياتنا الروحية. إنّ معرفة كل “الأشياء الصحيحة” ربما تشكّل فقط نسبة 2٪ مِن المعادلة. أمّا العمل الجّاد المتمثّل في بذل الجّهد والعزم على البقاء أوفياء وأمناء لله فهو في الغالب الجّهد الأعظم. ليت كل واحد مِنّا يواصل العيش بصبر صامد حتى يُوجَد أمام الله أمينًا كأمانة النبيّ المشهور أيوب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.