الحروب والصدمات

0

تُحكى قصة حقيقية عن شاب تطورت لديه مشكلة تعاطي الخمور بعد إطلاق سراحه مِن الجيش. فأثناء خدمته العسكرية، شهد معارك مريعة، وأنقذ بعض رفاقه وسط إطلاق نار كثيف، وتهشمت أسنانه على يدّ مهاجم انتحاري. إلّا أنّ أكثر شيء أثّر فيه هو عندما أصبح مُحاصرًا في إحدى المركبات العسكرية وهي تتدحرج مِن أعلى ضفة نهر وتسقط في المياه. كان هذا الشاب على وشك الغرق، وأصيب بخوف وذعر دائمين مِن الأماكن المغلقة والضيّقة. وحتى بعد عودته إلى البيت، كان يعاني من الكوابيس في منامه ومن معدلات عالية من الإجهاد والتوتر، أو ما يسميه علماء النفس باضطراب الإجهاد اللاحق للصدمة، أو اضطراب ما بعد الصدمة. وقد أدّى هذا الإجهاد المستمر إلى تعرّض هذا الشاب لإدمان المشروبات الكحولية.

وفي أحد الأيام، تمّ القبض على هذا الرجل أثناء القيادة وهو سكران، إذ إنّ ذلك يعتبر جريمة في بلاده. أدرك القاضي أنّ هذا الرجل كان جنديًا سابقًا وكان يتعاطى الخمور في محاولة مِنه لنسيان ما قد تعرّض له واختبره، ولذلك تحنّن عليه، لكنه كان مضطرًا للحكم عليه، وذلك بقضاء ليلة واحدة في السّجن. بدأ الرجل يتصبب عرقًا لأنّه كان يعلم إنّه سيقضي هذه الليلة بين جدران الزنزانة الضيقة، وبالتأكيد فإنّ ذكريات الماضي المرعبة ستراوده! إلّا أنّه بعد أنْ وصل إلى الزنزانة، فوجئ بسماع صوت المفاتيح وهي تفتح باب الزنزانة مرة أخرى. فوجد القاضي واقفًا على الباب!

فقال القاضي: “لقد جئت لأكون معك، لأنني أعتقد أنك بحاجة إلى المؤانسة.”

وأخبر الشّابَ إنّه في وقت من الأوقات كان هو أيضًا يحارب في معركة، وإنّه على دراية بالمخاوف التي تظل لفترة طويلة بعد انتهاء المعارك. ثم قرّر هذا القاضي العطوف قضاء الليلة بكاملها مع هذا الشاب في الزنزانة لمساندته.

إنَّ اضطراب الإجهاد اللاحق للصدمة يُعد مِن المشكلات الحقيقية الحالية التي تؤثر على عشرات الآلاف مِن الضحايا حول العالم. فالحروب تترك جروحًا عميقة على ضحاياها، وينبغي لنا أنْ نعطيها وقتًا كافيًا للشفاء مِن الداخل. إنّ أولئك الذين يجدون أنفسهم متأثرين بجراح الحروب الداخلية الصامتة ينبغي لهم أنْ يثقوا في شخصٍ ما بما فيه الكفاية ليأتي إليهم ويساعدهم. ففي كثير مِن الأحيان يظن المقاتلون السابقون أنّهم أقوياء بما فيه الكفاية ويرفضون قبول المساعدة. ولا يسمحون لأي شخص أنْ ينضم إليهم في زنزانتهم وقضاء الليلة معهم.

إلّا أنّ الأخبار السارة التي نريد مشاركتها معك هي إنّه بإمكانك التحرّر مِن صدمتك. فالله سبحانه وتعالى يستطيع أنْ يشفيك. فإذا كان باعتقادك إنّك تعاني مِن اضطراب ما بعد الصدمة بسبب الحرب أو بسبب أي صدمة حادة أخرى تعرّضت إليها في حياتك، نود أنْ نقدّم صلاةً خاصة مِن أجلك. أرسل لنا رسالة نصّية عن رأيك في هذا المقال وسوف ندعو لك دعاءً خاصًا نيابةً عنك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.