التّعاطف والشّفقة
ذات يوم كان هناك رجلٌ غنيٌ يحب أنْ يرتدي ملابسه بأناقة. وكان أصدقاؤه وزملاؤه يعرفونه بأنّه رجل أنيق ويحب أنْ يرتدي ملابس جديدة في كل مرة ينظِّم فيها حفل عشاء ويدعوهم إليه. وفي أحد الأيام، قدّم دعوة لأستاذ جامعي شاب ليتناول الطعام معه في المنزل، ولكن بسبب التأخير غير المتوقع، اضطر الضيف إلى الذهاب مباشرةً مِن محطة القطار إلى منزل الرجل الغني، وهو لا يزال مرتديًا ملابسه المتجعدة والمتسخة بسبب السفر.
وعندما وصل، اكتشف الشاب بفزع أنّ جميع الضيوف كانوا يرتدون ملابس رسمية مسائية. وبعد مرور ما بدا وكأنه وقت طويل، ظهر المضيف، مرتديًا بدلة زرقاء قديمة بالية، وكانت توجد على أحد أكمام البدلة رقعة يمكن رؤيتها بوضوح. شعر البروفيسور بارتياح أكثر، وعلِم في وقت لاحق إنّه قبيل وصوله، كان الرجل الثري يرتدي أفضل ملابسه المسائية، لكنه قام بتغييرها فور عِلمه بالمأزق الذي تعرّض له الأستاذ الجامعي.
يُعرّف التعاطف على أنّه القدرة على فهم ومشاركة الآخرين مشاعرهم. عندما نشعر أنَّ شخصًا آخر قد يكون مُحرجًا أو حزينًا أو مُحبطًا أو منزعجُا أو غاضبًا ونقوم بأعمال تساعدهم على أنْ يكونوا في حالة جيدة، فذلك يعد تعاطفًا. والتّعاطف هو مِن السّمات الجميلة التي تجعل أولئك الذين يمتلكونها محبوبين مِن قِبَل مَن حولهم.
إنّ القرآن الكريم يوصي بالتعاطف كأسلوب حياة عندما يتحدث عن معاملة الأيتام بحبٍ وعدلٍ وإنصافٍ، وتحرير العبيد. كما وقد صرّح الإنجيل بالقول: “فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.”
إنَّ التّعاطف هو بمثابة الوردة التي تخرج مِن نبات التّقوى. وكلّ الذين يتبعون بِحقّ كل ما أُنْزِل في النّاموس إلى الأنبياء سوف يتعاطفون مع الفقراء والمنكوبين، وسوف يفعلون لأجلهم كل ما يريدون ويتمنون أن يُفْعَلَ لأجلهم هم.
اليوم ربما سيكون لديك الفرصة لتتعاطف مع إنسانٍ آخرٍ، وربما يكون هذا الإنسان في وضع سيء للغاية. لا تتجاهل الموقف بسرعة. قرِّرْ اليوم أنْ تختار أنْ تكون متعاطفًا.