أنْ تعْرِف الله
هل مِن الممكن معرفة الله؟ تعتمد الإجابة على ما يعنيه الشخص عندما يطرح هذا السؤال؟ فليس مِن الممكن “معرفة” الله عن طريق المعلومات العلمية حول جوهر الله وطبيعته، أو عن طريق إجراء الأبحاث أو الاختبارات المعملية لإثبات ذلك. كما أنَّ “معرفة” الشَّخصِ بالله ليست ممكنة بالتفكير الفلسفي أو مِن خلال نقاشات الأُمّة ومجادلاتها الجماعية. فمعرفة الله هي أعمق بكثير مِن الأبحاث العلمية والمنطق البشري والمعرفة الجماعية. وحتى بعد إنفاق الحياة بأكملها في البحث والكشف، سيظل هناك محيط واسع من الأشياء المجهولة التي يعسر علينا استيعابها أو فهمها.
لكن الله سبحانه وتعالى يدعونا في الوقت نفسه إلى أن نعرفه. إنّ عبادة الله والخضوع له لا يمكن القيام بهما، على الأقل بدون معرفة مسبقة لله مِنْ قِبَلِنا. ولقد كشف الله لنا الكثير من التفاصيل عن نفسه مِن خلال الأنبياء، وفي أوقات كثيرة يتحدث إلينا عن طريق الأحلام والرؤى. وبكل تأكيد، سيظل الله دائمًا هو “البَاطِنُ”، حيث أنَّ المعرفة الكاملة بالله أعظم بكثير مِن أن تفهمها العقول البشرية، وهكذا فإنّ الله عزَّ وجلَّ في كماله ينبغي أنْ يكون محتجبًا عن أنظار الخلق إلى حد ما. إلّا أنّ أحد أسماء الله الحُسنى الـ 99 يذكِّرنا بأنَّ الله هو أيضًا الظّاهر، إنّه هو البَيِّنُ والمُعْلَن والواضح للإدراك البشري. كان بإمكان الله أنْ يخلق البشر دون أنْ يُرسل إليهم نبيًا واحدًا، أو عدم التحدّث إلى الجنس البشري على الإطلاق. ولو حدث ذلك، لمُتنا في حالة مِن عدم الإدراك والانطماس المُظلم. لكن حقيقة أنّ الله قد بادر بالاتصال بالبشر عن طريق الأحلام والأنبياء تخبرنا إنّه يريد أنْ يُعرَف مِنْ قِبَلِنا. وهو يرغب مِنّا أنْ نعبده ونخضع له بعقول واعية وفاهمة.
إنّ الله سبحانه وتعالى يدعوك إلى أنْ تأتي إليه في الصلاة وأنْ تأتي إلى النجاح والفلاح، وأيضًا أنْ تأتي إلى معرفته. فحقيقة أنَّ فهمنا لله يجب أن يكون دائمًا جزئيًا وغير مكتمل لا تقلل مِن جمال وجاذبية هذا الفهم. فكلما زادت معرفتنا بالله، أصبحت عبادتنا له أكثر فرحًا، وأصبح خضوعنا وتسليمنا له أكثر إكتمالاً. فما الذي ستفعله اليوم لتعرف الله بشكل أفضل؟